
الدرس التاريخي بالجامعة المغربية بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية -الرباط
الورقة العلمية
عرف تدريس التاريخ بالجامعة المغربية عدة مراحل، استجاب أحيانا لطبيعة الطلب الاجتماعي والسياسي والعلمي على مر التاريخ، وارتبط في جزء كبير منها بتطورات أفرزها منظور تدريس هذه المادة والوثائق المؤطرة لها وبالأدوار الجامعة بصفة عامة
بدأ الدرس التاريخي في جامعة محمد الخامس بالرباط بعد فترة وجيزة من استقلال المغرب، وعمِّمَ تدريجيا على الجامعات الأخرى التي أنشئت لاحقا. اكتسب حينها أهمية كبيرة، ليست فقط على المستوى المعرفي الصرف، بل أيضا في بناء السردية الوطنية. ففي سياق سياسي اتسم بتأسيس وتشكل الدولة الوطنية الجديدة، كان على الدرس التاريخي أن يسهم، من موقعه الأكاديمي في تكوين الاساتذة والباحثين، وخاصة إنتاج المعرفة التاريخية، وفي « صنع » السردية وتشكيل الهوية الوطنية. وفي ظل هذا السياق، طغى على تدريس التاريخ، وخاصة البحث التاريخي، النقاش حول كيفية التعامل مع المعرفة التاريخية التي أنتجها المستعمر وضرورة كتابة تاريخ وطني يعتمد على المصادر والمراجع الوطنية
طبعت سياسات الإصلاح المتعاقبة في مجال التعليم العالي، التي نهجتها الوزارة الوصية ، معالم الدرس التاريخي؛ حيث أثرت على مكانته في الحقل الأكاديمي، وعلى الظروف التي يمارس المؤرخون فيها مهنتهم، والمناخ العام الذي تنتج فيه المعرفة التاريخية داخل الجامعة. لذا ظهر خلال السنوات القليلة الماضية، « خطاب أزمة » الدرس التاريخي. وواكبت هذا الخطاب الدعوة الملحة إلى تقييم مسار تدريس التاريخ والوقوف عند أهم المنعطفات التي عرفها. وقد كانت هناك إسهامات وقفت على الحصيلة وتشخيص الواقع، في إطار مبادرات شمل أغلبها تقييم الدرس الجامعي في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية، واختص بعضها بالدرس التاريخي
وقد خلصت هذه التقييمات إلى وجود أزمة لا تتعلق فقط بتدريس التاريخ (الوثائق والسياسات المؤطرة، والجوانب البيداغوجية والمنهجية والإمكانات المرصودة، إلى غير ذلك)، بل أيضًا، وقبل كل شيء، وإلى عوائق إنتاج المعرفة وتطوير البحث التاريخي، والحيلولة دون تكوين أجيال جديدة من المؤرخين أو بروز مدارس مغربية في التاريخ. تشترك معظم هذه التقييمات في التركيز على إنتاج المعرفة التاريخية، وعدم إيلاء ما يكفي من الاهتمام بواقع الدرس التاريخي الجامعي. كما أن تأثيرها أو أخذها بعين الاعتبار من قبل صانعي القرار السياسي عند إصلاح الدرس التاريخي لا يزال ضئيلاً. ولا يعني هذا إمكانية الاستغناء عن الحاجة إلى إجراء تقييمات دورية، بل على العكس من ذلك، فإن القيام بتقييم منتظم ومؤسس، يوظف أساليب وأدوات التقييم المتعددة ويشرك الأطراف المعنية بشكل مباشر، ولا سيما الأساتذة الباحثين، لا يمكن إلا أن يكون مفيدا في النهوض بعملية تدريس التاريخ
وبهدف الإسهام في النقاش بخصوص الدرس التاريخي وتعزيز التفكير فيه بمعية شعب ومسالك التاريخ بالجامعات المغربية، قرر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب تخصيص الدورة الأولى من لقائه السنوي لموضوع: « الدرس التاريخي في الجامعات المغربية »، بتعاون مع شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وبمشاركة رؤساء شعب التاريخ ومنسقي مسالك الإجازة والماستر وأساتذة وباحثين للانكباب على رصد الواقع الراهن للدرس التاريخي، وكذلك الممارسات المرتبطة به، من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
- كيف يتم تدريس التاريخ اليوم في الجامعات المغربية، على ضوء الإصلاح الأخير؟
- ما هي الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من هذا الإصلاح؟
- وكيف يمكن تحسين النظام الحالي؟
سيعمل المشاركون، في إطار ورشات، على تقديم مقترحات والخروج بتوصيات يأمل المعهد من خلالها المشاركة إلى جانب مؤسسات وفاعلين آخرين في تجويد الدرس التاريخ الجامعي ودعم وتطوير الثقافة البيداغوجية في مختلف فضاءات الفعل التكويني في حقل التاريخ بالجامعة المغربية.
Contact
Académie du Royaume du Maroc
Avenue Mohamed VI
Km 4 10100 Rabat Maroc
Tél. +(212) 0700761387
Email : irrhm@alacademia.org.ma