الدورة الخامسة والأربعون

ورقة العمل

أمريـكا اللاتينية أفــــقـاً للتفــكير

شهدت بداية الألفية الثالثة تغيرات كبرى على مستوى النظام الدولي، ناتجة عن تحول في موازين القوى، وظهور عدد من القوى الصاعدة من بينها دول أمريكا اللاتينية، البرازيل والمكسيكـ والأرجنتين. وهناك العديد من التجارب السياسية والتنموية والثقافية التي تعرفها مختلف بلدان أمريكا اللاتينية تتجلى في محاولتها تجاوز الإرث الكولونيالي الأوروبي ورفع تحديات النظام الرأسمالي، واسترجاع الهويات القومية عبر الإبداع والتمثل الجديد للحداثة، والثورة على الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية وفي هذا السياق حاولت بعض بلدان أمريكا اللاتينية التحرر من السياسات التي كانت وراء تأخرها، متطلعة إلى اكتساب مقومات بلدان صاعدة أصبحت تجني ثمار سياساتها الاقتصادية من خلال خلق شروط جاذبية ونمو اقتصاديين نتج عنهما توسيع الطبقة الوسطى وتقويتها، وإنجاح الانتقالات نحو الديمقراطية، وتقليص نسب الفقر، وقلب اتجاه الهجرات. الأمر الذي كان من نتائجه إدماج ثلاثة بلدان (البرازيل، المكسيك، الأرجنتين) ضمن مجموعة العشرين الأكثر غنى. علما بأن بلدانا أخرى ما تزال ترزح تحت ضغط المديونية والفقر والهشاشة.ولا جدال في أن هذه التحولات الجديدة هي نتاج وعي بلوره مفكرون ومبدعون وكتاب وفنانون في أمريكا اللاتينية؛ عملوا على صياغة نظريات حول التحديث والحداثة، وتميّزوا بأصالة نصوصهم وأفلامهم ومعمارهم، وأنتجوا فهما جديدا لهوية ومفارقات بلدان هذه المنطقة من العالم. مما مكَّن العديد من بلدانها من إدخال ديناميات جديدة على أنسجتها الاقتصادية، وبرامجها الاجتماعية، ومجالها السياسي، وحياتها الثقافية. ومهما تكن الإنجازات والمكتسبات التي حققوها فإنه يصعب الاقتصار عليها لرصد واقع حال بلدان أمريكا اللاتينية، في اختلافاتها ومفارقاتها، بسبب كون الأحكام العامة قد تخفي تعقّد الوقائع وتنوع التجارب وتفاوت النتائجوبحكم انفتاح أكاديمية المملكة المغربية على مختلف جهات العالم، وفي ضوء إرادة المعرفة الدائمة التي تحرك أعضاءها لتقاسم الاجتهادات الفكرية والعلمية التي تهتم بمختلف التجارب الاقتصادية والسياسية والمكتسبات المعرفية الإنسانية، واعتبارا للروابط التاريخية وللعلاقات الثقافية التي تجمع المغرب ببلدان أمريكا اللاتينية، ورغبة منها في تنظيم ملتقى فكري جماعي، يساهم فيه مفكرون من المغرب ومن أمريكا اللاتينية ومن بلدان أخرى، حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية الجديدة لهذه المنطقة من العالم، تسعى الأكاديمية، بصفة خاصة، إلى عرض النظرات المتبادلة وتقاطعها بين المغرب وبلدان هذه المنطقة من العالم.

تحميل البرنامج